كنيسة القديس سمعان الدباغ

En

تاريخ الكنيسة

الرافع البائس من المزبلة ليجلسه مع أشراف شعبه

إقامة جامعى القمامة ( الزبالين ) على تل من تلال جبل المقطم
فى أواخر عام 1969م صدر قرار السيد محافظ القاهرة فى ذلك الوقت بنقل جامعى قمامة القاهرة إلى أحدى روابى المقطم ليقطنوا بها ، فأقاموا مساكنهم على الطريقة البدائية ، وهى عبارة عن عشش من الصاج تسمى بلغتهم " زرايب " والعشة الواحدة " زريبة " وسميت كذلك نسبة إلى المكان الذى تقيم فيه الحمير والخنازير ، ومايربونه من حيوانات كالجداء والماشية ...
وقدر عدد سكان هذه المنطقة من الزبالين بحوالى 15 ألف نسمة بحسب ما جاء فى تقرير البنك الدولى لدراسة هذه المنطقة فى يوليو 1978م - وبنعمة الله تضاعف هذا العدد الآن ...

وكان كل شخص يمتلك عربة قمامة بدائية ، عبارة عن صندوق من الخشب له عجلتان ويجرها حماران أو أكثر - نظراً لصعوبة الطريق الصاعد فوق الجبل وكونه غير ممهد قبل سفلتته بأكمله الآن .

يقوم هؤلاء الزبالون بجمع القمامة من المنازل بأحياء القاهرة ، وعند عودتهم إلى زرائبهم يقومون بفرز القمامة وتصنيفها .. فيجدون فى القمامة ما يصلح غذاء للخنازير والماشية ، أما الورق والزجاج والبلاستيك والقماش ... وغيرها فبعد أن تُفرز تباع لتجار متخصصين ، ويقتات الزبالون بأثمانها ..

زبال يدعو أحد الخدام
إعتاد أحد جامعى القمامة ، ويُدعى " قديس عجيب عبد المسيح " أن يجمع القمامة من حى شبرا ، وكان يتقابل مع أحد الخدام وهو ابونا سمعان ابراهيم حاليا... الذى كان يتكلم معه عن الحياة مع الله ، والتمتع بمحبته ونعمته عن طريق التوبة .. وكان " قديس " هذا يوجه الدعوة إلى هذا الخادم ليقوم بزيارة منطقة الزبالين بجبل المقطم ، وكرر هذه الدعوة على مدى عامين منذ عام 1972م دون أن يستجيب الخادم

الله يؤكــــــــــد الدعوة

فى صباح يوم الجمعة الأولى من فبراير 1974م تقابل هذا الزبال مع نفس الخادم ، وألح عليه بزيارة المنطقة ، وإذا بالخادم يصغى إلى صوت الله فى داخله يؤكد له بأن هذه الدعوة هى منه ...

وسأل الخادم ذلك الزبال عن كيفية الوصول إلى تلك المنطقة ، فعرفه المواصلات بالأتوبيس إلى سفح جبل المقطم على أن ينتظره فى نهاية الأتوبيس ليصحبه إلى منطقة الزرايب ...

الهروب مثـــــــل يونان

ذهب الخادم إلى محطة الأتوبيس ، وعوضَ أن يركب الأتوبيس الذاهب إلى المقطم ، غيَّرَ رأيه ليهرب كما فعل يونان ، وركب الأتوبيس الذاهب ضد الأتجاه إلى المطرية..

ولكن الهاتف الداخلى كرر الأمر بأن ينزل ويذهب إلى الزرايب كما سبق أن كلمه .. فأطاع ، ووصل إلى نهاية خط الأتوبيس فوجد " قديس" فى انتظاره ، وصعد إلى الرابية التى أقيمت فوقها الزرايب ..

وعند مدخل هذه المنطقة ، وبينما عربات الزبالة فى نشاط رهيب ، عربات صاعدة ، وعربات هابطة ، وعدد كبير من الرجال والأطفال والبنات ، منهم من يقود العربات، ومنهم من يساعد الحمير فى دفع العربات للصعود إلى أعلى للتغلب على صعوبات الطـريق ... وقف الخادم وأنتابه شعور غريب ، إن الله يريد شيئاً فى هذه المنطقة !! ولكن ماذا يريد الرب بالتحديد ؟!! لايدرى ... لذلك طلب من الزبال أن يأخذه إلى مكان هادئ ليصلى ..فأخذه إلى أعلى قمة فى هذه المنطقة ، وهناك وجد فجوة كبيرة تحت صخرة مهولة ، إنها مغارة عجيبة هى الآن دير القديس سمعان الخراز ) فوجـدها الخادم مكاناً مناسباً للصلاة ، وداوم على الصلاة فيها كل يوم أحد من كل أسبوع ولمدة ثلاثة أسابيع ، دون أن يتكلم إلى أحد من هؤلاء الزبالين الذين يملأون المكان وينتشرون كالجراد على وجه تلك البقعة من الجبل ..

وكان يسأل الله فى صلواته " يارب ماذا تريد منى أن أفعل ؟ " ( أع 9 : 6 ) وفى الأسبوع الثالث حدث أمر عجيب ...

معجزة عاصفة هوائية تحمل رسالة سمائية

فى الأسبوع الثالث صعد الخادم إلى المغارة وأخذ معه شخصين آخرين ، وفى أثناء الصلاة ثارت عاصفة هوجاء، فتطايرت أوراق زبالة المنطقة وملأت الجو ، وعندما هدأت العاصفة ألقت أمام المصلين بورقة صغيرة .. تناولها أحدهم وسلمها للخادم ليقرأ ما فيها ، وإذا بها ورقة من سفر أعمال الرسل إصحاح 18 ، ووقع بصر الخادم على الآيات المكتوبة وهى: " فقال الرب لبولس برؤيا الليل : لاتخف بل تكلم ولاتسكت لأنى أنا معك ، ولايقع بكَ أحد ليؤذيك ، لأن لى شعباً كثيراً فى هذه المدينة " ( أع 18 : 9 ، 10 )

فأعتبر الخادم ذلك صوت الله له ، أو كما علق قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث على ذلك قائلاً :

[ إنها ليست ورقة ... بل هى فرمان سماوى ]ومن وقتها بدأ الخادم يفكر جدياً فى خدمة المنطقة ..

إختيار موقع الكنيسة

إبتدأ الخادم ومعه آخر فى البحث عن مكان للخدمة ، ولو لخدمة أطفال التربية الكنسية، ووقفا عند موضع فى أول المنطقة ، وتذكر الخادم الأول ماسمعه من أب أعترافه عندما كان يعظ مردداً قول يشوع : " كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته " ( يش 1 : 3 ...

وفى بساطة إيمان إبتدأ يدوس الموضع الذى وقفا عنده دون أن يقول لزميله شيئاً مما يدور فى داخله ، خاصة أنه وجده قد أبتعد عنه فى إتجاه مضاد له ، ثم تقابلا وهما يدوران حول الموضع فى إتجاهات عكسية ، فسأل الخادم زميله عما يفعل ، فأجاب هذا الزميل أجابة وقف أمامها الخادم مزهولاً .. إذ قال : " ألم يقول يشوع النبى أن كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته ؟!! "فتأكد الخادم أن هذا هو المكان الذى حدده الرب ليكون كنيسة له فى المقطم .. وقد كان.

بناء كنيسة من الصاج

بعد أختيار المكان بدأ العمل فى بناء كنيسة من الصاج وسقفها من البوص ، تماماً مثل مبانى المنطقة .. وقد أعادت إلى الأذهان مذود بيت لحم فى زريبة الحيوان .

وبدأت خدمة التربية الكنسية للأطفال فحضر فى أول يوم 11 طفلاً ، ثم بدأ إجتماع عام للرجال والسيدات ، وكان عدد الحاضرين فى أول أجتماع 9 أشخاص .. وكان ذلك يوم 13/4/1974 ...

إنها وإن كانت بداية غير مشجعة .. لكنها دفعت هذين الخادمين ليصليا أكثر ، ويفتقدا الزرايب .. زريبة زريبة ، ويتكلما مع كل أنسان عن محبة الرب يسوع المسيح وطريق التــوبة ...

وبعد خمسة أشهر تقريباً لم يعد المكان يتسع للحاضرين ، لقد بارك الرب العمل بصلوات قديس هذا الجبل .. القديس سمعان الخراز .

استبدال الصاج بالطوب

عندما ضاق المكان بالحاضرين إضطر الخادمان ، بعد أن ضم لهم الرب خادماً ثالثاً ، إلى توسيع المكان بمعونة الرب ، وأستبدال الصاج بالطوب والمسلح .. إلا أن السقف كان من قماش الخيام ، وكأننا أمام خيمة الأجتماع فوق الجبل ..

مبنى الكنيسة الحالى

بعد أن تم بناء الكنيسة بالطوب عوض الصاج ، ذهب الخدام مع أب أعترافهم إلى قداسة البابا شنودة الثالث ، وأخبروه بكل ماتم ، ففرح جداً مشجعاً أولاده الخدام ، وأعطاهم مبلغاً من المال لبناء السقف بالمسلح ..

ولكن حدث ما دعا الخدام أن يهدموا هذا المبنى ليقيموا الكنيسة الحالية ، وهى ثالث مرة فى محاولة أقامة بيت يليق بقداسة الله ...

الذى حدث هو أن عدد الحضور تضاعف بدرجة مزهلة ، وأقبلت الجموع إلى الكنيسة فضاق المكان للغاية ، مما أضطر الخدام أن يلجأوا إلى أحد المهندسين المباركين الذى وضع تصميماً رائعاً للكنيسة ، وقام البناء هكذا شاهقاً على مساحة 1000 متر مربع تقريباً ..

وقد حدثت معجزات كثيرة لتحقق هذا البناء البديع بشكله الحالى ...

معجزة توفير المياه للمبانى

بعد شراء مواد البناء من طوب وأسمنت وحديد وزلط، لم يكن ممكناً أن يبدأ العمل ، وذلك لأحتياج البناء للمياه .. ولاسيما فى تلك المنطقة الصحراوية التى لم يكن ساكنوها يجدون الماء اللازم لأحتياجاتهم الضرورية فى ذلك الوقت .

ورُفِعَت الصلوات الحارة .. وحدثت المعجزة ، فبينما كان الخادم عائداً من المنطقة مساء أحد الأيام وجد عند بداية الطريق المرصوف الصاعد إلى مدينة المقطم ، جراراً يجر مقطورة خزان ماء كبيرة ، فطلب من السائق أن يمده بالمياه لبناء الكنيسة ، فوافق على الفور دون تردد .. وكانت هذه معونة السماء .

معجزة شفاء رأس مهشمة

من المعجزات التى أجراها الرب أيضاً أثناء بناء الكنيسة أنه فى يوم الأثنين الموافق 19/1/1976م ، بعدما أفرغ الجرار حمولة المقطورة من المياه ، وبينما هو يرجع إلى الوراء كان يوجد طفل خلفه يدعى " أدهم كامل عبد المسيح " يبلغ من العمر وقتها ستة أعوام ، فسقط الطفل تحت عجلاته الضخمة ، فداست على رأسه وهشمتها .. وفى الحـــال نُقِلَ إلى المستشفى فاقد الوعى ..وتحول الإجتماع المسائى إلى إجتماع صلاة لأجل الطفل " أدهم " ليتنازل الرب بإجراء معجزة ...وفى اليوم الرابع ذهب الخادمان لزيارة الطفل بالمستشفى ، فوجداه جثة هامدة على السرير ، ورأسه مهشمة تماماً ، والدم ينزف من أنفه وأذنيه وفمه .

وقف الخادمان إلى جوار السرير وطلبا من الرب أن يعمل معجزة مع هذا الطفل ويخلق له رأساً جديدة بشفاعة القديس سمعان الخراز صاحب هذه البيعة ..بعد سبعة أيام ، تمجد الرب فعلاً وأستجاب الصلاة ، فقد عاد الطفل أدهم إلى بيته معافى .. وهو إلى الآن بقى شاهداً عن إلهنا الحى الذى يستطيع كل شئ ولايعسر عليه أمر ..

قداسة البابا يزور الكنيسة

كان يوم 18 يونيه عام 1976م يوما خالداً لايُنسى فى تاريخ الكنيسة .. إذ زارها قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث ، وتوالت زيارات قداسته للكنيسة فى كل عام فى عيد القديس سمعان الخراز منذ عام 1978م وحتى عام 1980م

وتنال كنيسة القديس سمعان الخراز إهتماماً خاصاً من قداسته ...

إلهى العظيم .. أشكرك لأنك أنت هو هو أمس واليوم وإلى الأبد ، معنا كل الأيام وإلى أنقضاء الدهر .. تبنى كنيستك وأبواب الجحيم لاتقوى عليها .. ترفعها إلى الأبد تسدد كل الأحتياجات بحسب غناك فى المجد.. أُصلى من أجل هذه الكرمة التى غرستها يمينك ..أصلحها وثبتها لتأتى بثمر ويدوم ثمرها فيها .. بصلوات آبائنا القديسين وأبينا رجل الأيمان القديس سمعان الخراز .. آمين
© جميع الحقوق محفوظة للكنيسة سانت سمعان الدباغ